الزبير وسليمان بن يسار، وجعل أبو بكر يدعو إلى الإسلام من يثق به لأنه كان تاجرا ذا خلق ومعروف وكان أنسب قريش لقريش وأعلمهم بما كانوا عليه من خير وشر حسن التأليف لهم، وكانوا يكثرون غشيانه، فأسلم على يديه عثمان ابن عفان وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوّام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف، فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له بالإسلام وصلّوا فصاروا مع من تقدم ثمانية نفر هم أول من أسلم وصلّى، وقيل أنه أسلم معهم سعيد بن العاص وأبو ذر، ثم تتابع الناس في الإسلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم على استسراره بالدعاء وإن انتشرت دعوته في قريش.
والمنزلة السادسة: أن أمر أن يعم بالإنذار بعد خصوصه ويجهر بالدعاء إلى الإسلام بعد استسراره، فأنزل الله تعالى عليه: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (?) فجهر بالدعاء، قال ابن إسحاق: ذلك بعد ثلاث سنين من مبعثه، وأمر أن يبدأ بعشيرته الأقربين فقال تعالى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قال ابن عباس: فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفافهتف: يا صباحاه يا بني عبد المطلب يا بني عبد مناف حتى ذكر الأقرب فالأقرب من قبائل قريش فاجتمعوا إليه وقالوا: ما لك؟ قال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج من سفح هذا الجبل أما كنتم تصدقوني؟ قالوا:
بلى، ما جربنا عليك كذبا، قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» ، فقال أبو لهب تبا له ألهذا جمعتنا، ثم قام فأنزل الله تعالى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (?) إلى آخر السورة، قال ابن إسحاق: ولم يكن في قريش في دعائه لهم مباعدة له ولكن ردوا عليه بعض الرد حتى ذكر آلهتهم وعابها وسفّه أحلامهم في عبادتها، فلما فعل ذلك أجمعوا على خلافه وتظاهروا بعداوته إلّا من عصمه الله تعالى منهم بالإسلام وهم قليل مستحقرون فصار بعموم الإنذار والجهر بالدعاء إلى التوحيد والإسلام عام النبوّة مبعوثا إلى كافة الأمة فكمل الله تعالى بذلك نبوّته وتمم به رسالته فصدع بأمره وقام بحقه وجاهد بإنذاره وعم بدعائه