الذبيحين» - يعني إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وأباه عبد الله بن عبد المطلب- وهذا من صنع الله تعالى لرسوله لما قدره من رسالته وقضاه من آيات نبوته، فما يخلو نبي من بلوى منذرة ولا ملك من بلية زاجرة، هذا سليمان بن داود عليهما السلام وقد أعطاه الله مع النبوة ملكا لا ينبغي لأحد من بعده وسأل الله تعالى الحكمة فأعطاه قلبا عليما وفهما سليما حتى وضع ثلاثة آلاف مثل تهذبت بها أخلاق قومه واستقامت بها سيرة ملكه بعد أن سخرت له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب وسخرت له الشياطين يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب.
وذكر في سيرته أنه كان نزله في كل يوم من دقيق السميد ثلاثين كرا ومن غير السميد كرا وارتفاقه في كل سنة ستة وثلاثين ألف ألف ألف وثلاثة وثلاثين ألف ألف وثلاثمائة ألف مثقال، وكان له ألف وأربعمائة قيل متفرقة في القرى، وملك أربعين سنة كأبيه داود، فابتلاه الله تعالى في أثناء ملكه بعد عشرين سنة منه ما حكاه الله تعالى في كتابه بقوله: وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (?) .
وفي فتنته قولان:
أحدهما: أن سليمان سبى بنت ملك غزاه في جزيرة من جزائر البحر يقال لها صيدون (?) فألقيت عليه محبتها وهي معرضة عنه تذكرا لأبيها لا تنظر إليه إلّا شزرا ولا تكلمه إلّا نزرا، ثم إنها سألته أن يصنع لها تمثالا على صورته فأمر به فصنع لها فعظمته وسجدت له وسجد معها جواريها وصار صنما معبودا في داره وهو لا يعلم به حتى مضت أربعون يوما وفشا خبره في بني إسرائيل وعلم به سليمان فكسره ثم حرقه ثم ذراه في الريح، هذا قول شهر بن حوشب.
والثاني: أن الله تعالى قد جعل ملك سليمان في خاتمه، فقال لآصف- وهو شيطان اسمه آصف الشياطين- كيف تضلون الناس؟ فقال له الشيطان:
أعطني خاتمك حتى أخبرك، فأعطاه خاتمه، فألقاه في البحر حتى ذهب ملكه،