ما تدعو إليه الحاجة كالمساقاة على الشجر لعدم إمكان إجارتها بخلاف الأرض فإنه يمكن إجارتها، وجوَّزوا من المزارعة ما يكون تبعًا للمساقاة إما مطلقًا وإما إذا كان البياضُ الثلث، وهذا كله بناء على أن مُقتضى الدليل بطلان المزارعة، وإنما جُوِّزت للحاجة، ومن أعطى النظر حقه على أن المزارعة أبعد عن الظلم والغرر من الإجارة بأجرة مسماة مضمونة في الذمة، فإن المستأجر إنما يقصد الانتفاع بالزرع النابت في الأرض، فإذا لزمته الأجرة ومقصوده [من الزرع] (?) قد يحصل وقد لا يحصل كان في هذا حصول أحد المعاوضين (?) على مقصوده دون الآخر، فأحدُهما غانمٌ ولا بد، والآخر متردد بين المغنم والمغرم، وأما المزارعة فإن حصل الزرع اشتركا فيه، وإن لم يحصل شيء اشتركا في الحرمان، فلا يختص أحدهما بحصول مقصوده دون الآخر، فهذا أقرب إلى العدل وأبعد عن الظلم والغرر من الإجارة.

[الأصل في جميع العقود العدل]

والأصل في العقود كلها إنما هو العدل الذي بُعثت به الرسل وأُنزلت به الكتب، قال اللَّه تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25] والشارع نهى عن الربا لما فيه من الظلم، وعن الميسر لما فيه من الظلم، والقرآن جاء بتحريم هذا وهذا، وكلاهما أكل المال (?) بالباطل، وما نهى عنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من المعاملات -كبيع الغَرر (?)، وبيع الثمر قبل بُدُوِّ صلاحه (?)، وبيع السِّنين (?)، وبيع حبَل الحَبَلة (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015