[قد تغني العلة عن ذكر الأصل]

فإن قيل: فشرطُ صحَّةِ القياس ذكر الأصل المقيس عليه، ولم يذكر في الحديث؟.

قيل: هذا من حُسْن الاختصار، [والاستغناء] (?) بالوصف الذي يستلزم ذكر الأصل [المقيس عليه] (?)؛ فإن المتكلَّم قد يُعَلل بعلةٍ يغني ذكرُها عن ذكر الأصل، ويكون تركه لذكر الأصل أبَلَغَ من ذكره، فيعرف السامع الأصْلَ حين يسمع ذكر العلة؛ فلا يُشْكِل عليه، ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين علَّل عدمَ وجوب (?) الصلاة مع هذا الدم بأنه عِرقٌ صار الأصل الذي يُرَدُّ إليه هذا الكلام معلومًا، فإنَّ كل سامعٍ سَمِعَ هذا يفهم منه أن دم العرق لا يوجب ترك الصلاة، [ولو قال: "هو عرق فلا يوجب ترك الصلاة] (?) كسائر دم العروق"؛ لكان عيًّا، وعُدَّ من الكلام الركيك، ولم يكن لائقًا بفصاحته، وإنما يليق هذا بِعَجْرفة المتأخّرين وتكلُّفهم وتطويلهم.

ونظيرُ هذا قوله [-صلى اللَّه عليه وسلم-] (?) لمن سأله عن مَسِّ ذكره: "هلْ هُوَ إلا بضعة منك" (?) فاستغنى بهذا عن تكلف قوله: كسائر البضعات.

ومن ذلك قوله [-صلى اللَّه عليه وسلم-] (5) للمرأة التي سألته: "هل على المرأة من غسْلٍ إذا هي احتلَمَتْ؟ فقال: نعم، فقالت أم سليم: أَوَ تحتلمُ المرأةُ يا رسول اللَّه؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما النساء شَقَائِقُ الرجال" (?) فَبيَّن أن النساء والرجال شقيقان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015