خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) [إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ)}] (?) [الطارق: 5 - 9]، فالدافق على بابه، ليس فاعلًا بمعنى مفعول كما يَظُنُه بعضهم، بل هو بمنزلة ماءٍ جارٍ، وواقِفٍ، وساكِن.

[الصُّلب والترائب والنطفة]

ولا خلاف أن المراد بالطلب صلبُ الرجلِ، واخْتُلف في الترائب، فقيل: المراد بها ترائبه أيضًا، وهي عظام الصَّدْر ما بين التَرْقْوة إلى الثَّنْدُوَة (?)، وقيل: المرادُ ترائبُ المرأة، والأول أظهر؛ لأنه سبحانه قال (?): [{يَخْرُجُ] مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)} [الطارق: 7]، ولم يقل: يخرج من الصُّلْب والتَّرَائب، فلا بد أن يكون ماء الرجل خارجا من بين هذين المحِلَّيْن (?)؛ كما قال في اللَّبن: يخرج {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} [النحل: 66]، وأيضًا فإنه سبحانه أخبر أنه خَلَقه من نطفة في غير موضع، والنطفة هي ماء الرجل، كذلك قال أهل اللغة، قال الجوهري (?): "النطفة الماء الصافي قَلَّ أو كَثُرَ، [والجمع: النطاف] (?)، والنطفة ماء الرجل، والجمع نُطَفُ؛ وأيضًا فإن الذي يُوصَفُ بالدَّفْقِ والنضح (?) إنما هو ماء الرجل، ولا يُقال: نَضَحَت المرأة الماء ولا دَفَقَتْه، والذي أوجَبَ لأصحاب القول الآخر ذلك أنهم رأوا أهلَ اللغة قالوا: الترائب مَوْضِعُ القلادة من الصَّدْر (?)، قال الزَّجَّاج (?): أهلُ اللغة مُجْمِعون على ذلك، وأنشدوا لامرئ القَيْس:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015