[الْخَلَاق]

وحقيقة الأمر أن الخَلَاق هو النصيب والحظُ، كأنه الذي خُلِق للإنسان وقُدِّر له، كما يقال (?): قَسْمه الذي قُسِمَ له، ونصيبه الذي نصب له، أي: أُثبت، وقِطه الذي قُطَّ له، أي قُطِع.

ومنه قوله [تعالى] (?): {وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ}، وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما يَلْبَسُ الحرير في الدنيا مَنْ لا خَلاق له [في الآخرة] " (?) والآية تتناول ما ذكره السلف كله، فإنه [سبحانه] (2) قال: {كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً} فبتلك القوة التي كانت فيهم كانوا يستطيعون أن يعملوا للدنيا والآخرة، وكذلك الأموال والأولاد، وتلك القوة والأموال والأولاد هي الخَلَاق، فاستمتعوا بقوتهم وأموالهم وأولادهم في الدنيا، ونفس الأعمال التي عملوها بهذه القوة من الخَلَاق الذي استمتعوا به، ولو أرادوا بذلك اللَّه والدارَ الآخرة لكان لهم خَلَاق في الآخرة، فتمتُّعهم بها أخْذُ حظوظهم العاجلة، وهذا حال مَنْ لم يعمل إلا لدنياه، سواء كان [عَمَله من] (?) جنس العبادات أو غيرها، ثم ذكر سبحانه حال الفروع فقال: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ} فدلَّ هذا على أن حُكمَهم حُكمُهم، وأنه ينالهم ما نالهم؛ لأن حُكْمَ النظير حُكْم نظيرِهِ.

ثم قال: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} فقيل: الذي صفة لمصدر محذوف، أي: كالخوض الذي خاضوا، وقيل: لموصوف محذوف، أي: كخوض القوم الذي خاضوا (?)، وهو فاعل الخوض، وقيل: {الَّذِي} مصدرية [كما] (?)، أي: كخوضهم، وقيل: هي موضع الذين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015