وقد اختُلِفَ في محل هذه الكاف (?) وما يتعلق به، فقيل: هو رفع خبر مبتدأ محذوف، أي: أنتم كالذين من قبلكم، وقيل: نَصبٌ بفعل محذوف، تقديرُه فعلتم كفعل الذين من قبلكم، والتشبيه على هذين القولين في أعمال الذين من قبل، وقيل: إن التشبيه في العذاب، ثم قيل: العاملُ محذوف، أي لَعَنهم وعَذَّبهم كما لعن الذين من قبل، وقيل: بل العاملُ ما تقدم، أي وعد اللَّه المنافقين كوعد الذين من قبلكم، ولَعَنهم كلعنهم، ولهم عذاب مقيم كالعذاب الذي لهم.
والمقصود أنه سبحانه ألحَقَهم بهم في الوعيد، وسَوَّى بينهم فيه كما تساووا في الأعمال، وكَوْنُهم كانوا أشد منهم قوة وأكثر أموالًا وأولادًا فَرْقٌ غير مؤثِّر، فعلَّق الحكم بالوصف الجامع المؤثر، وألغى (?) الوصفَ الفارق، ثم نَبَّه [سبحانه] (?) على أن مشاركتهم في الأعمال اقتضت مشاركتهم في الجزاء فقال: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69]، فهذه هي العلة المؤثرة والوصف الجامعُ، وقوله: {أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} هو الحكم، والذين من قبل هم الأصل، والمخاطَبُون الفرع (?).
قال عبد الرزاق في "تفسيره": ثنا مَعْمَر، عن الحسن في قوله: {فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ} قال: بدينهم (?). ويروى عن أبي هريرة (?).
وقال ابن عباس: استمتعوا بنصيبهم من الآخرة في الدنيا (?). وقال آخرون: بنصيبهم من الدنيا (?).