وأقوى الأسباب في رد الشهادة والفُتيا والرواية الكذبُ؛ لأنه فسادٌ في نفس آلة الشَّهادة والفتيا والرواية، فهو بمثابة شهادة الأعمى على رؤية الهلال، وشهادة الأصم الذي لا يسمع على إقرار المقر؛ فإن اللسان الكذوب بمنزلة العُضو الذي [قد] (?) تعطل نَفْعُه، بل هو شر منه، فشرُّ ما في المَرْء لِسانٌ كَذوبٌ؛ ولهذا يجعل اللَّه [-سبحانه-] (1) شعارَ الكاذب عليه يوم القيامة، وشعارَ الكاذب على رسوله (?) سَوَاد وجوههم، [والكذبُ له تأثير عظيم في سواد الوجه، ويكسوه بُرْقُعًا من المقْت يراه كلُّ صادق؛ فسيما الكاذب في وجهه] (?) يُنادي عليه (?) لمن له عينان، والصادق يرزقه اللَّه مَهَابة وجَلالة (?)، فمن رآه هابه وأحبه، والكاذب يرزقه إهانة (?) ومَقْتًا، فمن رآه مَقَته واحتقره، وباللَّه التوفيق، [وإليه ننيب] (?).
وقول أمير المؤمنين -رضي اللَّه عنه- في كتابه: "أو مجلودًا في حد" المراد به القاذفُ إذا حُدَّ للقذف لم تقبل شهادته بعد ذلك، وهذا متفقٌ عليه بين الأمة قبل التوبة (?)، والقرآن نص فيه (?).
وأما إذا تاب، ففي قبول شهادته، قولان مشهوران للعلماء: أحدهما لا تقبل،