والذي جاءت به الشريعة أن اليمين تُشرع من جهة أقوى المتداعيين، فأي الخصمين تَرجَّح جانبه جُعلت اليمين من جهته، وهذا مذهب الجمهور كأهل المدينة وفقهاء الحديث كالإمام أحمد والشافعي ومالك وغيرهم (?)؛ وأما أهل العراق فلا يحلِّفون إلا المُدَّعى عليه وحده، فلا يجعلون اليمين إلا من جانبه فقط، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه، والجمهور يقولون: قد ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قضى بالشاهد واليمين (?)، وثبت عنه أنه عرض الأَيْمان في القسامة على المدَّعِين أولًا، فلما أبَوْا جعلها من جانب المُدَّعى عليهم (?)، وقد جعل اللَّه [سبحانه] (?) أيمان اللعان من جانب الزوج أولًا، فإذا نكَلَتِ المرأة عن معارضة (?) أَيْمانه بأَيْمانها وجب عليها العذاب بالحد، وهو العذاب المذكور في قوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] فإن المُدَّعي لما ترجَّح جانبه بالشاهد الواحد شُرعت اليمين من جهته، وكذلك أولياء الدَّم ترجَّحَ جانبهم باللَّوث فشُرعت اليمين من جهتهم وأُكِّدت بالعدد تعظيمًا لخطر النفس، وكذلك الزوج في اللعان جانبه أرجح (?) من جانب المرأة قطعًا، فإن إقدامه على إتلاف فراشه،