فقهاء الأمة، ومنهم مَنْ كان مُقيمًا بالكوفة كعلي وابن مسعود، وبالمدينة كعمر بن الخطاب وابنه وزيد بن ثابت، وبالبَصْرَة كأبي موسى الأشعري، وبالشام كمُعَاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان، وبمكة كعبد اللَّه بن عباس، وبمصر كعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعن هذه الأمصار انتشر العلم في الآفاق، وأكثر مَنْ رُوي عنه التحذير من الرأي مَنْ كان بالكوفة إرهاصًا بين يَدَيْ ما عَلِم اللَّه [سبحانه] (?) أنه يحدث فيها بعدهم] (?).
قال أهل الرأي: وهؤلاء الصحابةُ ومَنْ بعدهم من التابعين والأئمة -وإن ذَمُّوا الرأيَ، وحَذّروا منه، ونَهَوْا عن الفتيا والقضاء به، وأخرجوه من (?) جملة العلم- فقد رُوي عن كثير منهم الفُتْيَا والقضاء به، والدلالة عليه، والاستدلال به، كقول عبد اللَّه بن مسعود في المُفَوِّضة (?): أقول فيها برأيي (?)، [وقول عمر بن الخطاب لكاتبه: قل: هذا ما رأى عمر بن الخطاب (?)، وقول عثمان بن عفان في الأمر بإفراد العُمْرَة عن الحج: إنما هو رأيٌ رأيته (?)، وقول علي في أمَّهات الأولاد: اتفق رأيي ورأيُ عمر على أن لا يُبَعْنَ (?).