قال البخاري: حدثنا أبو اليَمَان: ثنا شُعيب، عن الزهري قال: "كان محمدُ بن جُبَير بن مُطَعم يحدث أنه كان عند معاوية في وَفْدِ من قريش، فقام معاوية فحمِدَ اللَّه وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فإنه قد بَلَغني أن رجالًا فيكم يتحدثون بأحاديثَ ليست في كتاب اللَّه، ولا تُؤْثَر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأولئكم جُهَّالكم (?).
فهؤلاء من الصَّحابة: أبو بكر الصِّدِّيق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبدُ اللَّه بن مسعود، وعبدُ اللَّه بن عباس، وعبدُ اللَّه بن عُمَر، وزيدُ بن ثابت، وسهلُ بن حُنَيْف، ومُعَاذ بن جبل، ومعاويةُ خالُ المؤمنين (?)، وأبو موسى الأشعري يُخْرِجُونَ الرأيَ عن العلم، ويذمونه، ويحذرون منه، وَيَنْهَونَ عن الفُتْيَا به، ومن اضْطُر منهم إليه أخبَر أنه ظن، وأنه ليس على ثقةٍ منه، وأنه يجوز أن يكون منه ومن الشيطان، وأن اللَّه ورسوله برئ منه، وأن غايته أن يَسُوغ الأخذُ به عند الضرورة من غير لزوم لاتباعه ولا للعمل به، فهل يوجد عن (?) أحد منهم قَطُّ أنه جَعَلَ رأي رجل بعينه دينًا تُتْرَكُ له السنن الثابتة عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويُبَدَّع ويُضَلَّل مَنْ خالفه إلى اتباع السنن؟
فهؤلاء بَرْكُ (?) الإسلام، وعصابة الإيمان، وأئمة الهدى، ومصابيح الدجى، وأنْصَحُ الأئمة للأمة، وأعلمهم بالأحكام وأدلتها، وأفْقَهُهُمْ في دين اللَّه، وأعمقهم علمًا، وأقلّهم تكلفًا، وعليهم دارت الفتيا، وعنهم انتشر العلم، وأصحابُهم هم