قلت: هذه المسألة فيها ثلاثة أقوال لأصحاب أحمد (?):
أحدها: أنه لا يجوز الفَتْوى بالتقليد؛ لأنه ليس بعلم، والفتوى بغير علم حرام، ولا خلاف بين الناس أن التقليد ليس بعلم، وأن المقلد لا يُطْلَق عليه اسم عالم، وهذا قول أكثر الأصحاب وقول جمهور الشافعية.
والثاني: أن ذلك يجوز فيما يتعلق بنفسه، فيجوز له أن يقلد غيره من العلماء إذا كانت الفَتْوَى لنفسه، ولا يجوز أن يقلد العالم فيما يُفتي به غيره، وهذا قول ابن بَطَّة وغيره من أصحابنا؛ قال القاضي (?): ذكر ابنُ بَطَّة في "مكاتباته إلى البرمكِي": لا يجوز له أن يفتي بما يسمع مَنْ يفتي، وإنما يجوز أن يقلد لنفسه، فأما أن يتقلد لغيره ويفتي (?) به فلا.
والقول الثالث: أنه يجوز ذلك عند الحاجة وعدم العالم المجتهد، وهو أصح الأقوال، وعليه العمل، قال القاضي (?): ذكر أبو حَفْصٍ في "تعاليقه" قال: سمعت أبا علي الحسن بن عبد اللَّه النَّجَّاد يقول؛ سمعت أبا الحسن بن بشار (?) يقول: ما (?) أعِيبُ على [رجل] (?) يحفظ [عن أحمد] (?) خمسَ مسائل؛ استند إلى بعض سَوَاري المسجد يُفتي بها (?).