قال أبو الحسن (?): وسألت جَدِّي محمدَ بن عبيد اللَّه، قلت: فكم كان يحفظ أحمد بن حنبل؟ قال: أخذ عن ست مئة ألف (?).
قال أبو حفص (?): قال لي أبو إسحاق: لما جلستُ في جامع المنصور للفتيا ذكرت هذه المسألة، فقال لي رجل: فانت هو ذا [لا] (?) تحفظ هذا المقدار حتى تفتي الناس فقلت له: -عافاك اللَّه- إنْ كنتُ لا أحفظُ هذا المقدار، فإني هو ذا أفْتِي الناس بقول مَنْ كان يحفظ هذا المقدار وأكثر منه (?).
قال القاضي أبو يَعْلَى (?): "وظاهر هذا الكلام [من أحمد] أنه لا يكون من أهل الاجتهاد إذ لم يحفظ من الحديث هذا القدرَ الكثير الذي ذكره، وهذا محمول على الاحتياط والتغليظ في الفتوى. . . "، ثم ذكر حكاية أبي إسحاق لما جلس في جامع المنصور، قال: "وليس هذا الكلام من أبي إسحاق مما يقتضي أنه كان يُقَلِّد أحمد فيما يفتي به؛ لأنه قد نص في بعض "تعاليقه على كتاب العلل" على الدلالة على منع الفتوى بغير علم؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} " [الإسراء: 36].