وسمعت شيخنا يقول: سمعت بعض الأمراء يقول عن بعض المفتين من أهل زمانه يكون عندهم (?) في المسألة ثلاثة أقوال أحدها: الجواز، والثاني: المنع، والثالث: التفصيل، فالجواز لهم، والمنع لغيرهم، وعليه العمل.
الفائدة الثامنة والعشرون: لا يجوز للمفتي أن يعمل بما شاء (?) من الأقوال والوجوه من غير نظر في الترجيح، ولا يعتد به، بل يكتفي في العمل بمجرد كون ذلك قولًا قاله إمام أو وجهًا ذهب إليه جماعة فيعمل بما شاء (?) من الوجوه والأقوال حيث رأى القول وفق (?) إرادته وغرضه عمل به فإرادته وغرضه هو المعيار وبها (?) الترجيح، وهذا حرام بإتفاق الأمة.
وهذا مثل ما حكى القاضي أبو الوليد الباجي عن بعض أهل زمانه ممن نصب نفسه للفتوى [أنه كان يقول] (?): إن الذي لصديقي عليَّ إذا وقعت له حكومة أو فتيا أن أفتيه بالرواية التي توافقه، وقال: وأخبرني من أثق به أنه وقعت له واقعة فأفتاه جماعة من المفتين بما يضرُّه، وكان (?) غائبًا فلما حضر سألهم بنفسه، فقالوا: لم نعلم أنها لك، وأفتوه بالرواية الأخرى التي توافقه [قال: و] (6) هذا مما لا خلاف بين المسلمين، ممن يعتدُّ بهم في الإجماع أنه لا يجوز (?)، وقد قال مالك رحمه اللَّه في اختلاف الصحابة -رضي اللَّه عنهم-: "مخطئ ومصيب، فعليك بالاجتهاد" (?).
وبالجملة، فلا يجوز العمل والإفتاء في دين اللَّه تعالى بالتشهي والتخير