ولا (?) بصيرة له بالحق، ولا قوة له على تنفيذه، فالمفتي محتاج (?) إلى قوة في العلم وقوة في التنفيذ، فإنه لا ينفع تكلّم بحق لا نفاذ له.
وأما قوله: "الرابعة الكفاية وِإلا مضغه الناس"، فإنه إذا لم يكن له كفاية احتاج إلى الناس وإلى الإخذ مما في أيديهم، فلا يأكل منهم شيئًا إلا أكلوا من لحمه وعرضه أضعافه، وقد كان لسفيان الثوري شيء من مال، وكان لا يتروى (?) في بذله، ويقول: لولا ذلك لتمندل (?) بنا هؤلاء (?)، فالعالم إذا منح غناء، فقد أعين على تنفيذ علمه، وإذا احتاج (?) إلى الناس، فقد مات عِلْمُه وهو ينظر.
وأما قوله: "الخامسة معرفة الناس"، فهذا أصل عظيم يحتاج إليه المفتي والحاكم، فإن لم يكن فقيهًا فيه فقيهًا في الأمر والنهي، ثم يطبق أحدهما على الآخر وإلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح، فإنه إذا لم يكن [فقيهًا في الأمر] (?) له معرفة بالناس تُصَوِّر له الظالم بصورة المظلوم وعكسه والمُحِقّ بصورة المُبطل وعكسه، ورَاج عليه المكرُ [والخداعُ] (?) والاحتيال وتصوَّر له الزنديق في صورة (?) الصديق والكاذب في صورة الصادق ولبس كل مبطل ثوب (?) زور تحتها الإثم والكذب والفجور، وهو لجهله بالناس وأحوالهم وعوائدهم وعُرْفياتهم لا يميز هذا من هذا، بل ينبغي له أن يكون فقيهًا في معرفة [مكر] (?) الناس وخداعهم