أفتى بفتيا فله مدارك ينفرد بها عنَّا، ومدارك نشاركه فيها، فأما ما يختص به فيجوز أن يكون سمعه من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شفاهًا أو من صحابي آخر عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (?)، فإن ما انفردوا به من العلم عنا أكثر من أن يُحاط به، فلم يَروِ [كلٌّ منهم كلَّ] (?) ما سمع، وأين ما سمعه الصديق [-رضي اللَّه عنه-] (3) والفاروق وغيرهما من كبار الصحابة [-رضي اللَّه عنهم-] (?) إلى ما رووه؟ فلم يرو عنه صدِّيقُ الأمة مئة حديث (?) وهو لم يغب عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شيء من مشاهده، بل صحبه من حين بعث [بل قبل البعث] (?) إلى أن توفي، وكان أعلم الأمة به -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله (?) وفعله وهديه وسيرته، وكذلك أجلَّة الصحابة (?) روايتهم قليلة جدًا بالنسبة إلى ما سمعوه من نبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم- ورضي عنهم، وشاهدوه، ولو رووا كل ما سمعوه وشاهدوه لزاد على رواية أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أضعافًا مضاعفة، فإنه إنما صحبه نحو أربع سنين، وقد روى عنه الكثير، فقول (?) القائل: "لو كان عند الصحابي في هذه الواقعة شيءٌ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لذكره" قولُ (?) مَنْ لم يعرف سِيرَ القوم وأحوالهم، فإنهم كانوا يهابون الروايةَ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (?) ويعظِّمونها ويقلِّلونها خوف الزيادة والنقص، ويحدِّثون بالشيء الذي سمعوه من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرارًا، ولا يصرحون بالسماع، ولا يقولون: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (?).