* ومن جهة اشتمالها على التدليس والمكر والخداع والتوسل بشرع اللَّه الذي أحبَّه ورضيه لعباده إلى نفس ما حرَّمه ونهى عنه، ومن المعلوم (?) أنه لا بد أن يكون بين الحلال والحرام فرق بَيِّنٌ في الحقيقة، بحيث يظهر للعقول مُضَادَّة أحدهما للآخر، والفرق في الصورة غير معتبر ولا مؤثر؛ إذ الاعتبار بالمعاني والمقاصد في الأقوال والأفعال؛ فإن الألفاظ إذا اختلفت عباراتها أو مواضعها بالتقدم والتأخر والمعنى واحد؛ كان حكمها واحدًا، ولو اتفقت ألفاظها واختلفت معانيها كان حكمها مختلفًا، وكذلك الأعمال، ومن تأمل الشريعة حَقَّ التأملِ علم صحة هذا بالاضطرار؛ فالأمر المحتال عليه بتقدم الشرط دون مقارنة صورتُه صورةُ الحلالِ المشروع ومقصودُه مقصودُ الحرام الباطل، فلا تراعى الصورةُ وتلغى الحقيقةُ والمقصود، بل مشاركة هذا للحرام صورةً ومعنًى وإلحاقه به لاشتراكهما في القصد والحقيقة أولى من إلحاقه بالحلال المأذون فيه بمشاركته له في مجرد الصورة (?).
وقوله: "ولا تفسد العقود (?) بأن يقال: هذه ذريعة وهذه نية سوء -إلى آخره" فإشارة منه إلى قاعدتين.
إحداهما: أنْ (?) لا اعتبار بالذرائع ولا يُراعى سَدُّها.
والثانية: أن القُصُود غير معتبرة في العقود.
والقاعدة المتقدمة أن الشرط المتقدم لا يؤثر، وإنما التأثير للشرط الواقع في صُلب العقد، وهذه القواعد متلازمة؛ فَمَنْ سَدَّ الذرائع اعتبر المقاصد وقال: يؤثر الشرط متقدمًا مقارنًا، ومن لم يسد الذرائع لم يعتبر المقاصد ولا الشروط المتقدمة، ولا يمكن إبطال واحدة منها إلا بإبطال جميعها، ونحن نذكر قاعدة سد الذرائع ودلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والميزان الصحيح عليها.