معناه، وإنما قَصَدًا التوسَّل بذلك اللفظ وبظاهر ذلك السبب إلى شيء آخر غير حكم السبب، لكن أحدهما راهبٌ قَصْدُه دفعُ الضرر عن نفسه، ولهذا يحمد أو يعذر على ذلك، والآخر راغب قصده إبطال حق وإيثار باطل، ولهذا يذم على ذلك فالمكره يبطل حكم السبب فيما عليه وفيما له لأنه لم يقصد واحدًا منهما، والمحتال يبطل حكم السبب فيما احتال عليه، وأما فيما سِوَاه فيجب فيه التفصيل.
وهاهنا أمر لا بد منه، وهو أنَّ من ظهر لنا أنه محتال فهو كمن (?) ظهر لنا أنه مكره، ومن ادَّعى أنه إنما قصد الاحتيال فكمن ادعى أنه مكره، وإن كان ظهور أمر المكره أَبيْن من ظهور أمر المحتال.
وأما الهازل فهو الذي يتكلم بالكلام من غير قصد لموجِبَه وحقيقته، بل على وجه اللعب، ونقيضُه الجادُّ فاعل من الجِدِّ -بكسر الجيم- وهو نقيض الهزل، وهو مأخوذ من "جَدَّ فلان" إذا عظم واستغنى وصار ذا حظ، والهزل: من هَزَلَ إذا ضعف وضؤل، نُزِّلَ الكلام الذي يراد معناه وحقيقته بمنزلة صاحب الحظ والبخت والغنى، والذي لم يرد معناه وحقيقته بمنزلة الخالي من ذلك؛ إذ قوام الكلام بمعناه، وقوام الرجل بحظه وماله، وقد جاء فيه حديث أبي هريرة المشهور عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ثلاثٌ جَدُّهنَّ جَدٌّ وهَزْلُهنَّ جَدٌّ: النكاحُ، والطلاقُ، والرَّجعة" (?) رواه أهل "السنن"، وحَسَّنه الترمذي، وفي مَرَاسيل الحسن عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ نكَحَ لاعبًا أو طلق لاعبًا أو أعتق لاعبًا فقد جاز" (?). وقال عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه-: أربعٌ جائزات إذا تكلم بهن: الطَّلاقُ، والعِتاقُ، والنِّكاحُ، والنَّذُر (?). وقال [أميرُ