بخلاف ما أظهره؛ فهذا هو الذي وقع فيه النزاع، وهو: هل الاعتبار بظواهر الألفاظ والعقود وإن ظهرت المقاصدُ والنيَّاتُ بخلافها أم للقصود والنياتِ تأثير يوجب الالتفات إليها ومراعاة جانبها (?)؟
وقد تظاهرت أدلة الشرع وقواعده على أن القصُود في العقود معتبرةٌ، وأنها تؤثّر في صحة العقد وفساده وفي حِلِّه و [حرمته، بل أبْلَغُ من ذلك، وهي أنها تؤثر في] (?) الفعل الذي ليس بعقد تحليلًا وتحريمًا فيصير حلالًا تارة وحرامًا تارة باختلاف النية والقصد، كما يصير صحيحًا تارة وفاسدًا تارة باختلافها، وهذا كالذبح فإن الحيوان يَحلُّ إذا ذُبح لأجل الأكل ويحرم إذا ذبح لغير اللَّه، وكذلك الحَلَالُ يصيدُ الصيد للمحرِمِ فيحرم عليه ويصيده للحلال فلا يحرم على المحرم، وكذلك الرجل يشتري الجارية ينوي أن تكون لموكله فتحرم على المشترى وينوي أنها له فتحل له، وصورة العقد واحدة (?)، وإنما اختلفت النية والقصد، وكذلك صورة القَرْض وبيع الدرهم بالدرهم إلى أجل صورتهما واحدة وهذا قربة صحيحة وهذا معصية باطلة بالقصد، وكذلك عصر العنب بنية أن يكون خمرًا معصية ملعون فاعله على لسان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (?) وعصره بنية أن يكون (?) خلًا أو دِبْسًا (?) جائز وصورة الفعل واحدة، وكذلك السلاح يبيعه الرجل لمن يعرف أنه يقتل به مسلمًا حرام باطل لما فيه من الإعانة على الإثم والعُدْوَان وإذا باعه لمن يعرف أنه يجاهد به في سبيل اللَّه فهو طاعة وقُرْبة، وكذلك عقد النَّذر المعلَّق على شرط ينوي به التقرب والطاعة فيلزمه الوفاء بما نذره وينوي به الحلف والامتناع فيكون يمينًا مُكَفَّرة، وكذلك تعليق الكُفْر بالشرط ينوي به اليمين والامتناع فلا يكفر بذلك وينوي به وقوع الشرط فيَكْفُر [عند وجود الشرط ولا يكفر إن نوى به اليمين] (?) وصورة اللفظ واحدة، وكذلك ألفاظُ الطلاق صريحها وكنايتها (?) ينوي بها الطلاقَ