وكذبهم، وسرائرهم إلى اللَّه العالم بسرائرهم المتولي الحكم عليهم دون أنبيائه وحُكَّام خلقه.

وبذلك مَضَتْ أحكام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما بين العباد من الحدود وجميع الحقوق، أعلمهم أن جميع أحكامه على ما يُظْهِرُون، واللَّه يدين بالسرائر، ثم ذكر حديث عُويمر العَجْلاني في لعانه امرأتَهُ، ثم قال: فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما بلغنا: "لولا ما قضَى اللَّه لكان لي فيها قضاءٌ غيره" (?) يعني: لولا ما قضى اللَّه مِنْ ألا يحكم على أحد إلا باعتراف على نفسه أو بينة، ولم يعرض لشَريك ولا للمرأة، وأنفذ الحكم وهو يعلَم أن أحدهما كاذب، ثم علم بعدُ أن الزوج هو الصادق.

ثم ذكر حديث رُكانة أنه طلق امرأته البتة، وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استحلفه ما أردتُ إلا واحدة، فحلف له، فردَّها [إليه] (?)، قال: وفي ذلك وغيره دليل على أن حَرَامًا على الحاكم أن يقضي أبدًا على أحد من عباد اللَّه إلا بأحسن ما يُظهر، وإن احتمل ما يظهر غير أحسنه وكانت عليه دلالة على ما يخالف أحسنه. ومن قوله (?): بلى، لما حكم اللَّه في الأعراب الذين قالوا: {آمَنَّا} [الحجرات: 14]، وعلم اللَّه أن الإيمان لم يدخل في قلوبهم لما أظهروا من الإسلام، ولما حكم في المنافقين الذين علم أنهم آمنوا ثم كفروا وأنهم كاذبون بما أظهروا من الإيمان بحكم الإسلام، وقال في المُتَلاعِنين: "أبْصِروها، فإن جاءت به كذا وكذا فلا أراه إلا قد صدق عليها" (?) فجاءت به كذلك، ولم يجعل له إليها سبيلًا؛ إذ لم تُقر ولم تَقُم عليها بينة. وأبطل في حكم الدنيا عنهما استعمال الدلالة التي لا توجد في الدنيا دلالة بعد دلالة اللَّه على المنافقين والأعراب أقوى مما أخبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015