منه، لكن لم يمكن استرجاع العين فاسترجع المثل، وكذلك لو باعه درهمًا بدرهمين كان ربًا صريحًا، ولو باعه إياه بدرهم ثم وهبه درهمًا آخر جاز، والصورة واحدة وإنما فرَّق بينهما القصد، فكيف يمكن أحدٌ (?) أن يلغي القُصُودَ في العقود ولا يجعل لها اعتبارًا؟ (?).

فصل [اعتراض بأن الأحكام تجري على الظواهر]

فإن قيل: قد أطلتم الكلامَ في مسألة القصود في العقود، ونحن نحاكمكم إلى القرآن والسنة وأقوال الأئمة، قال اللَّه تعالى حكاية عن نبيه نوح: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [هود: 31] فرتب الحكم على ظاهر إيمانهم، ورَدَّ علم ما في أنفسهم إلى العالم (?) بالسرائر تعالى المنفرد بعلم ذات الصدور وعلم ما في النفوس من علم الغيب، وقد قال تعالى لرسوله: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} [هود: 31] وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني لم أومر أن أُنِّقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم" (?) وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أُمرْتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إلهَ إلا اللَّه، فإذا قالوها عَصَمُوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على اللَّه" (?) فاكتفى منهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015