قالت عائشة: واللَّه ما أخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على النساء قط إلا بما أمره اللَّه، وما مسَّتْ كفُّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كفَّ امرأة قط، وكان يقول لهن إذا أَخذ عليهن: "قد بايعتكن" كلامًا (?).
فهذه هي البيعة النبوية التي قال اللَّه عز وجل فيها: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)} [الفتح: 10] وقال فيها: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18].
فأحدث الحجَّاجُ في الإسلام بيعة غير هذه تتضمن اليمين باللَّه تعالى والطلاق والعتاق وصدقة المال والحج، فاختلف علماء الإسلام في ذلك على عدة أقوال.
ونحن نذكر [تحرير] (?) هذه المسألة وكشفها، فإن كان مرادُ الحالف بقوله: "أيمان البيعة تلزمني" البيعةَ النبوية التي كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يبايع عليها أصحابه لم يلزمه الطلاق والإعتاق ولا شيء مما رتبه الحجاج، وإن لم ينو تلك البيعة ونَوَى البيعة الحجَّاجية فلا يخلو: إما أن يذكر في لفظه طلاقًا أو عتاقًا أو حجًا أو صدقةً أو يمينًا باللَّه أو لا يذكر شيئًا من ذلك؛ فإن لم يذكر في لفظه شيئًا فلا يخلو: إما أن يكون عارفًا بمضمونها أو لا، وعلى التقديرين فإما أن ينوي مضمونها كله أو بعض ما فيها أو لا ينوي شيئًا من ذلك، فهذه تقاسيم هذه المسألة.