فأما العلة الأولى فقال محمد بن عبد الواحد المقدسي (?): "مِشْرَح قد وثَّقه يحيى بن معين في رواية عثمان بن سعيد (?)، وابن مَعِين أعلم بالرجال من ابن حبَّان" قلت: وهو صدوق عند الحفاظ، لم يتهمه أحد البتة، ولا أطلق عليه أحد من أهل الحديث قط أنه ضعيف، ولا ضعفه ابنُ حبَّان، وإنما قال (?): يروي عن عقبة بن عامر مناكير لا يتابع عليها؛ فالصواب تَرْكُ ما انفرد به، وانفرد ابن حبان من بين أهل الحديث بهذا القول فيه.
وأما العلة الثانية؛ فعبد اللَّه بن صالح قد صرّح بأنه سمعه من الليث، وكونُه لم يخرجه وقت اجتماع البخاري به لا يضره شيئًا؛ وأما قوله: "إن حيوة يروي (?) عن بكر بن عمرو (?) عن مِشْرَح" فإنه يريد به أن حيوة (?) من أقران الليث أو أكبر منه، وإنما روى عن بكر بن عمرو عن مِشْرَح، وهذا تعليل قوي، ويؤكده أن الليث قال: "قال مِشْرَح" ولم يقل: حدثنا، وليس بلازم؛ فإن الليث كان معاصرًا لِمشْرح وهو في بلده، وطلبُ اللَّيث العلمَ (?) وجمعه لم يمنعه أن لا يسمع من مِشْرح حديثه عن عقبة بن عامر وهو معه في البلد.
وأما التعليل الثالث فقال شيخ الإسلام: "إنكار مَنْ أنكر هذا الحديث على عثمان (?) غيرُ جيدٍ، وإنما هو لتوهم انفراده به عن الليث وظَنِّهم أنه لعله أخطأ فيه حيث لم يبلغهم عن غيره من أصحاب الليث، كما قد يتوهم بعضُ مَنْ يكتب الحديث أن الحديث إذا انفرد به عن الرجل مَنْ ليس بالمشهور مِنْ أصحابه كان