يقوله أبو حنيفة (?)، ولا حجة فيه، والظاهر أن سعدًا -رضي اللَّه عنه- اتَّبَعَ في ذلك سنة اللَّه تعالى؛ فإنه لما رأى من تأثير أبي محجن في الدين وجهاده وبَذْلِه نفسَه للَّه ما رأى درأ عنه الحد؛ لأن ما أتى به من الحسنات غمرت هذه السيئة الواحدة وجعلتها كقَطْرة نجاسةٍ وقعت في بحر، ولا سيما وقد شام منه مَخَايل التربة النصوح وقت القتال، إذ لا يُظن [في] (?) مسلم إصراره في ذلك الوقت الذي هو مظنة القدوم على اللَّه وهو يرى الموت، وأيضًا فإنه بتسليمه نفسَه ووضع رجله في القيد اختيارًا قد استحق أن يوهب له حده كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للرجل الذي قال له: "يَا رسول اللَّه أصَبْتُ حدًّا فأقمه عليَّ، فقال: هل (?) صليت معنا هذه الصلاة؟ قال: نعم، قال: اذْهَبْ فإن اللَّه قد غَفَرَ لك حَدَّكَ" (?) وظهرت (?) بركة هذا العفو الإسقاط في صدق توبته، فقال: واللَّه لا أشربها أبدًا، وفي رواية: "أبَدَ الأبدِ" (?) [وفي رواية] (?): "قد كنت آنف أن أتركها من أَجل جلداتكم، فأما إذا تركتموني فواللَّه لا أشربها أبدًا" (?) وقد برئ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مما صنع خالد ببني جذيمة، وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" (?) ولم يؤاخذه به لحسن بلائه ونصره للإسلام.

ومن تأمل المطابقة بين الأمر والنهي والثواب والعقاب وارتباط أحدهما بالآخر علم فقه هذا الباب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015