فأما الرأي فيدل على فساده وجوه: منها أنه مردودٌ بالنص، ومنها أن اقتران الركوع بالسجود في هذا الموضع لا يُخرجه عن كونه [موضع سجدة، كما أن اقترانه بالعبادة التي هي أعمّ من الركوع لا يخرجه عن كونه سجدة] (?)، وقد صح سجوده -صلى اللَّه عليه وسلم- في النَّجم (?)، وقد قَرَنَ السجود فيها بالعبادة كما قرنه بالعبادة في سورة الحج، والركوع لم يزده إلّا تأكيدًا، ومنها أن أكثر السجدات المذكورة في القرآن متناولة لسجود الصلاة، فإن قوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [الرعد: 15]، يدخل فيه سجود المصلين قطعًا، وكيف لا؛ وهو أجلّ السجود وأفرضه؟ وكيف لا يدخل هو في قوله: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)} [النجم: 62]، وفي قوله: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)} [العلق: 19]، [وقد قال قبل: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10)} [العلق: 9 - 10]،] (?) ثم قال: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)} [العلق: 19]، فأمره بأن يفعل هذا الذي نهاه عنه عدوّ اللَّه، فإرادة سجود الصلاة بآية السجدة لا تمنع كونها سجدة، بل تؤكّدها وتقوّيها.

يوضحه أن مواضع السجدات في القرآن نوعان: إخبار، وأمر، فالإخبار خبر من اللَّه تعالى عن سجود مخلوقاته له عمومًا أو خصوصًا، فسُنَّ للتالي والسامع وجوبًا أو استحبابًا أن يتشبّه بهم عند تلاوة آية السجدة أو سماعها، وآيات الأوامر بطريق الأَوْلى.

وهذا لا فرق فيه بين أمر وأمر، فكيف يكون الأمر بقوله: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)} [النجم: 62]، مقتضيًا للسجود دون الأمر بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015