مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [التوبة: 122] فأوجب قبول نذارتهم، وذلك تقليد لهم" جوابه من وجوه؛ أحدها: أن اللَّه سبحانه إنما أوجب عليهم قبول ما أنذروهم به من الوحي الذي ينزل في غيبتهم عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجهاد، فأين في هذا حجة لفرقة التقليد على تقديم آراء الرجال على الوحي؟. الثاني: أن الآية حجة عليهم ظاهرة؛ فإنه سبحانه نوَّع عبوديتهم وقيامهم بأمره إلى نوعين:
أحدهما: نفير الجهاد، والثاني: التفقه في الدين، وجعل قيام الدين بهذين الفريقين، وهم الأمراء والعلماء أهل الجهاد وأهل العلم؛ فالنافرون يجاهدون عن القاعدين، والقاعدون يحفظون العلم للنافرين، فإذا رجعوا من نفيرهم استدركوا ما فاتهم من العلم بإخبار من سمعه من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهنا للناس في الآية قولان: أحدهما: أن المعنى فهلَّا نَفَر من كل فرقة طائفة تتفقه وتُنذر القاعدة، فيكون المعنى في طلب العلم، وهذا قول الشافعي (?) وجماعة من المفسرين، واحتجوا به على قبول خبر الواحد؛ لأن الطائفة لا يجب أن تكون عدد التواتر. والثاني: أن المعنى فلولا نفر من كل [فرقة] (?) طائفة تجاهد لتتفقه (?) القاعدةُ وتنذر النافرةَ للجهاد إذا رجعوا إليهم ويخبرونهم بما نزل بعدهم من الوحي، وهذا قول الأكثرين، وهو الصحيح؛ لأن النفير إنما هو الخروج للجهاد كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وإذا استُنْفِرتم فانفِروا" (?) وأيضًا فإن المؤمنين عامٌ في المقيمين مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والغائبين عنه، والمقيمون مرادون ولا بد فإنهم سادات المؤمنين، فكيف لا يتناولهم اللفظ؟ وعلى قول أولئك يكون المؤمنون خاصًا بالغائبين عنه فقط، والمعنى وما كان المؤمنون لينفروا إليه كلهم، فلولا نفر إليه [من] (?) كل [فرقة] (2) منهم طائفة، وهذا خلافُ ظاهر لفظ المؤمنين، وإخراجٌ للفظ النفير عن مفهومه في القرآن والسنة، وعلى كلا القولين فليس في الآية ما يقتضي صحة القول بالتقليد (?)