يكون هؤلاء المتأخرون على مذهب الأئمة دون أصحابهم الذين لم يكونوا يقلدونهم، فأَتْبع الناس لمالك ابن وهبٍ وطبقته ممن يحكِّم الحجة وينقاد للدليل أين كان، وكذلك أبو يوسف ومحمد أتْبع لأبي حنيفة من المقلدين له مع كثرة مخالفتهما له، وكذلك البخاري ومسلم (?) وأبو داود والأثرم وهذه الطبقة من أصحاب أحمد أتْبع له من المقلدين المحضْ المنتسبين إليه، وعلى هذا فالوقف على أتباع الأئمة أهل الحجة والعلم أحق به من المقلدين في نفس الأمر.
الوجه الخامس والأربعون: قولهم يكفي في صحة التقليد الحديث المشهور: "أصحابي كالنُّجوم بأيهم اقتديتُم اهتديتُم" (?) جوابه من وجوه:
أحدها: أن هذا الحديث قد روي من طريق الأعمش، عن أبي سُفيان، عن جابر، ومن حديث سعيد بن المسيب عن عمر (?)، ومن طريق حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر، ولا يثبت شيء منها (?)، قال ابنُ عبد البرِّ (?): حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد أن أبا عبد اللَّه بن مفرح حدثهم ثنا محمد بن أيوب الصموت قال: قال لنا البَزَّار: وأما ما يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" فهذا الكلام لا يصح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (?).
الثاني: أن يقال لهؤلاء المقلدين: فكيف استجزتم ترك تقليد النجوم التي