بسوء؟ فإن كان اللَّه مع العبد فمن يخاف؟ وإن لم يكن معه فمن يرجو؟ وبمن يثق؟ ومن ينصره من بعده؟ فإذا قام العبد بالحق على غيره وعلى نفسه أولًا، وكان قيامه باللَّه وللَّه لم يقم له أحد (?)، ولو كادته السماوات والأرض والجبال لكفاه اللَّه مؤنتها، وجعل له فرجًا ومخرجًا؛ وإنما يُؤْتى العبد من تفريطه وتقصيره في هذه الأمور الثلاثة، أو في اثنين منهما، أو في واحد؛ فمن كان قيامه في باطل لم يُنصر، وإن نُصر نصرًا عارضًا فلا عاقبة له وهو مذموم مخذول، وإن قام في حق لكن لم يقم فيه للَّه وإنما قام لطلب المحْمدة والشكور والجزاء من الخلق أو التوصل إلى غرض دنيوي كان هو المقصود أولًا، والقيام في الحق وسيلة إليه، فهذا لم تُضمن له النُّصرة؛ فإن اللَّه إنما ضمن النُّصرةَ لمن جَاهدَ في سبيله، وقاتل لتكون كلمة اللَّه هي العليا، لا لمن كان قيامه لنفسه وهواه (?)، فإنه ليس من المتقين ولا من المحسنين، وإن نُصِر فبحسب ما معه من الحق؛ فإن اللَّه لا ينصر إلا الحق، وإذا كانت الدولة لأهل الباطل فبحسب ما معهم من الصبر، والصبر منصور أبدًا؛ فإن كان صاحبه محقًا كان منصورًا له العاقبة، وإن كان مُبطلًا لم تكن له عاقبة، وإذا قام العبد في الحق للَّه ولكن قام بنفسه وقوته ولم يقم باللَّه مستعينًا به متوكلًا عليه مفوضًا إليه بريًّا من الحول والقوة إلا به فله من الخُذلان وضعف النصرة بحسب ما قام به من ذلك، ونكتة المسألة أن تجريد التوحيد [ين] (?) في أمر اللَّه لا يقوم له شيء ألبتة، وصاحبه مؤيد منصور ولو توالت عليه زُمر الأعداء.
قال الإمام أحمد: حدثنا [أبو] داود: ثنا شعبة، عن وَاقِد بن محمد بن زيد، عن ابن أبي مُلَيْكة، [عن القاسم بن محمد،] (?) عن عائشة قالت: مَنْ أسخطَ الناس برضاء اللَّه عز وجل كَفاهُ اللَّه الناس، ومن أرضى النَّاسَ بسخط اللَّه وكله إلى الناس (?).