«يقول عبد الرحمن بن علي بن صالح المكودي-لطف الله به- سألني صاحبنا الشهير بالنبل والذكاء، وسروة الهمّة والبهاء. الضابط لفنون الآداب، العالم بعيون التاريخ والأنساب. رافع راية القريض، وناشر لوائه الطويل العريض. علم الرؤساء [102/ب] ودرّة أبناء الأمراء أبو الوليد إسماعيل بن الرئيس أبي الحجاج يوسف بن الأحمر الخزرجي أن أقيّد له شيئا من شعري فلم أسعفه بمطلوبه، ولا عجّلت له بمرغوبه؛ استحقارا لشعري، واستضعافا لما صدر من نظمي ونثري.
وهجرا للأدب وطريقته، وقلى لمجازه وحقيقته. طريقة كثر قائلها وقلّ نائلها! فلو أمكن أن يجتمع في زماننا هذا أبو تمام باغترافه من بحره، وأبو الطّيب باقتطافه من زهره، وأبو العلاء بنحته من صخره، على استخراج درهم واحد من أهل زماننا لما حظوا منهم بنائل، ولا وقفوا في أمورهم على طائل! دهر وقى الله من حوادثه سيّان ذو الجهل فيه والعالم.
ولما كان السائل المذكور ممن لا يسعني خلافه، ولا يمكنني إلا إسعاده وإسعامه؛ قيدت له شيئا من شعري، مع نبذ من نثري.
وليتخير من ذلك ما يستجيده، وينتخب ما يريده. والله يعصمنا من الزّلل، ويهدينا إلى صالح القول والعمل».
قال إسماعيل مؤلف هذا الكتاب: فمما اخترت من كلامه الرائق ونظامه العذب الفائق؛ قوله يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي القصيدة (?)