قوله: "إذا تقرَّب العبد إليَّ شبرًا, تقرَّبتُ إليه ذراعًا" هذا مَثَل ومعناه حُسن القَبول ومضاعفة الثواب على قدر العمل الذي يَتقرَّب به العبد إلى ربع, حتى يكون ذلك مُمثّلًا بفعل من أقبل نحو صاحِبِه قدْرَ شِبر, فاستقبله صاحبه ذِراعًا, وكمن مشى إليه فهَرْوَل إليه صاحبه قبولًا له وزيادة, وفي إكرامه, وقد يكون معناه التوفيق له التيسير للعمل الذي يُقرِّبه منه, والله أعلم.
البَوْعُ: مصدر باعَ يَبُوع بَوعًا, إذا مَدَّ باعه وبَسَط يده لإدْنائه من نفسه, وقد يحتمل أن تكون الرِّواية بُوعًا مضمومة الباء جمع باع, كما قيل: دار ودُورٌ وساق وسُوقٌ.
قال الشيخ أبو سليمان حمد بن محمد الخطَّابي -رحمه الله- هذا منتهى القول فيما تيسَّر من تفسير أحاديث الجامع الصحيح, وقد اختصرنا الكلام في عامَّتها إلا في مواضع لم نجد من إشباع القول فيها بُدًّا لإشكالها وغُموض معانيها, ووجدت صاحب الكتاب لم يُرتّب ماوضع فيه من الأحاديث ترتيب الكتب المُصنَّفة في أبواب الفقه والعلم, فيَضمَّ كل نوع منه إلى الفقه ويضعه في بابه ولا يخلطه بغيره, كما فعله أبو داود في كتابه, فوقع كلامنا في تفسيرها على حسب ذلك اتِّباعًا لمذهبه وحِفظًا لرسمه, وأسأل الله أن ينفعنا والمسلمين بها وأن يتجاوز عن الزلل إن عرض فيها, وصلى الله على محمد وآله أجمعين.