والحَطْبِ عليهم وزعم أنهم يروون ما لا يدرون، وذكر بأنهم رووا هذا الحديث، ثم قال: ولو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق عذابا، ثم تكايس وتعاقل فأدخل نفسه في جملة العلماء وشاركهم في تفسيره وتأويله فقال: وإنما كان الاختلاف رحمة ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا بين ظهرانيهم فإنهم إذا اختلفوا سألوه فأجابهم وبين لهم ما اختلفوا فيه، ليس فيما يختلفون بعده، وزعم أنهم لا يعرفون وجوه الأحاديث ومعانيها فيتأولونها على غير جهاتها.
والجواب عما ألزمانا من ذلك يقال لهما: إن الشيء وضده قد يجتمعان في الحكمة، ويتفقان في المصلحة. ألا ترى أن الموت لم يكن فسادا، وإن كانت الحياة صلاحا، ولم يكن السقم سفها، وإن كانت الصحة حكمة، ولا الفرق خطأ، إذا كان الغنى صوابا. وكذلك الحركة والسكون الليل والنهار وما أشبَهَهَا من الأضداد. وقد قال سبحانه: {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه}، فسمى الليل رحمة، فهل أوجب أن يكون النهار عذابا من قبل أنه ضده، وفي هذا بيان خطأ ما ادعاه هؤلاء ولله الحمد.