أجزاء المشروب, على سبيل التعاون كالشبع بالمأكول والريّ بالماء المشروب, وكل أمر يؤدي إلى نقض المعارف فهو منقوض وليس في المعارف أن يكون فعل الجُزء من الشيء أكثر من فعل كُلَّه, وهذا مُحالٌ وليس يخلو الشراب الذي يسكر كثيره إذا كان في الإناء من أن يكون حلالاً أو حرامًا, فإن كان حراما لم يجز أن يشرب منه قليلٌ وإن كان حلالاً لم يجز أن يحرم منه شيءٌ.

فإن قيل: إنَّ الشراب حلالٌ في نفسه ولكن الله تعالى نهى أن يُشرب منه ما يُزيل العُقول.

قيل: فينبغي أن تكون الشربة التي تزيل العقل وتُسكر معلومةً يعرفها كل شارب, إذ غير جائز أن يحرم الله على خلقه شيئًا ويتعبدهم به ولا يجعل لهم السبيل إلى معرفة ما حرَّم, ومعلوم أن طباع الناس مختلفة, فقد يسكر الواحد بالمقدار الذي لا يسكر صاحبه بشرب مثله, وإذا قِيس هذا بطبائع الناس لم يضبط ولم يعلم, والتعبد لا يقع إلا بالأمر/ المعلوم وإلا لم تقم له الحُجَّة وما أدى إلى هذا كان بادي العوار ظاهر الفساد.

وقال قائل: إن الناس لما اختلفوا في الأشربة وأجمعوا على تحريم خمر العنب واختلفوا فيما سواه, لزمنا ما أجمعوا على تحريمه وأبحنا ما سواه وهذا خطأ فاحش, وقد أمر الله المتنازعين أن يردوا ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول, فكل مختلف فيه من الأشربة مردود إلى تحريم الله وتحريم رسوله الخمر, وقد ثبت عن رسول الله صلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015