من الله عز وجل وزلفة له وتقربا منه بالعمل الصالح إليه وعلى شاكلة ذلك الأمر فيما جعله قوتا له وقياما لينتظم المعنيين معا بقوله: (أمرنا معشر الأنبياء أن لا نأمل إلا طيبا ولا نعمل إلا صالحا).

وقد أباح الله لنا طعام أهل الكتاب وأحل لنا ذبائحهم، والنصارى يذبحون باسم المسيح ويشركون في ذلك بالله عز وجل. ثم لم يحرم علينا ما يذبحونه في قول أكثر أهل العلم وأن كان غير واحد من العلماء قد قال: إنهم إذا ذبحوا باسم المسيح أو لغير اسم الله لم تحل ذبائحهم، وكره بعضهم أيضا ما يذبحون للكنائس والبيع ولأيامهم التي يعبدون فيها، وإنما استطابوا من ذبائحهم ما كان منها لأقواتهم، وقد كره بعض أهل العلم أن يولي المسلم الكتابي ذبح الشاة التي هي ملك للمسلم ولم ير أن يذكيها إلا مسلم، وإنما رأى أن تحل ذبائحهم ما كان ملكا لهم فتولوا ذكاتها وتأولوا الآية من قوله عز وجل: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} على هذا المعنى دون ما كان ملكا للمسلم، إذا كان له فيمن يتولى ذبحها وذكاتها من المسلمين مندوحة. وقد حكي عن مالك بن أنس أنه كان لا يرى أن تؤكل الشحوم من ذبائح اليهود لأنها محرمة عليهم وأحسبه ذهب في ذلك إلى قوله عز وجل: {وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} وليست الشحوم من طعامهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015