المحاجة والمناطرة والاشتغال بالجواب على ما يوجبه حق النظر في مثله لو كان المناظر عليه بشرا وكلمك في مثل هاك فإن من ناظرك وتسمع كلامه ويسمع كلامك لا يمكنه أن يغالطك فيما يجري بينكما من الكلام حتى يخرجك من حدود النطر ورسوم الجدل فإن باب السؤال والجواب وما يجري فيه من المعارضة والمناقضة معلوم والأمر فيه محدود محصور , فإذا رعيت الطريقة وأصبت الحجة وألزمتها خصمك انقطع وكفيت مؤنته وحسمت شغبه , وباب ما يوسوس به الشيطان إليك غير محدود ولا متناه لأنك كلما ألزمته حجة , وأفسدت عليه مذهبا راغ إلى نوع آخر من الوساوس التي أعطي التسليط فيها عليك فهو لا يزال يوسوس إليك حتى يؤديك إلى الحيرة والضلال فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم عندما يعرض من وساوسه في هذ الباب إلى الإستعاذة بالله من شره والانتهاء عن مراجعته وحسم الباب فيه بالإعراض عنه والاستعاذة بذكر الله والإشتغال بأمر سواه , وهذا حيلة بليغة وجنة حصينة يخزى معها الشيطان ويبطل كيده.
قلت: ولو أراد النبي صلى الله عليه وسلم محاجته وأذن في مراجعته والرد عليه فيما يوسوس به لكان الأمر على كل موحد سهلاً في قمعه وإبطال قوله , فإنه لو يقدر أن يكون السائل عن مثل هذا واحدا من البشر لكان جوابه والنقض عليه متلقى من سؤاله ومأخوذا