أمته أفضل مما يدخل من أمتي)، ولا يجوز أن يتأول بكاؤه على معنى المحاسبة والمنافسة فيما أعطيه من الكرامة، فإن ذلك لا يليق بصفات الأنبياء، وأخلاق الأجلة من الأولياء، وإنما بكى صلى الله، عليه وسلم، لنفسه وأمته حين بخس الحظ منهم، إذ قصر عددهم عن مبلغ عدد أمة محمد، صلى الله عليه وسلم، وذلك من ناحية الشفقة على أمته، وتمني الخير لهم، وقد يليق هذا بصفات الأنبياء وشمائلهم. والبكاء على ضروب: فقد يكون مرة من حزن وألم، ومرة من استنكار، أو عجب. وتارة من سرور وطرب.

وأما قوله: هذا الغلام، فإنه ليس على معنى الازدراء به، والاستصغار لشأنه، إنما هو على معنى تعظيم المنة لله عليه، فيما أناله من النعمة، وأحقه له من الكرامة من غير طول عمر بلغه في عبادته، وأفناه مجتهدا في طاعته، وقد تسمي العرب الرجل المستجمع/ السن غلاما ما دامت فيه بقية من قوة، وذلك في لغتهم مشهور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015