نساء اثنتين، وكما يقول: فاضربوا الأعناق، والقول فيه- والله أعلم- أنه أراد بالكتاب أحد شيئين: إما القضاء الذي قضاه وأوجبه، كقوله تعالى: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي}، أي: قضى الله وأوجبه، ويكون معنى قوله: فهو عنده فوق العرش، أي: فعلم ذلك عند الله فوق العرش، لا ينساه، ولا ينسخه ولا يبدله، كقوله عز وجل: {قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى}.
وإما أن يكون أراد بالكتاب اللوح لمحفوظ، الذي فيه ذكر أصناف الخلق والخليقة، وبيان أمورهم، وذر آجالهم وأرزاقهم، والأقضية النافذة فيهم، ومآل عواقب أمورهم، ويكون معنى قوله: فهو عنده فوق العرش، أي: فذكره عنده فوق العرش، وتضمن فيه الذكر أو العلم، وكل ذلك جائز في الكلام، سهل في التخريج على أن العرش خلق الله عز وجل مخلوق ولا يستحيل أن يمسه كتاب مخلوق، فإن الملائكة الذين هم حملة العرش، قد روي أن العرش على كواهلهم، وليس يستحيل أن يماسوا العرش إذا حملوه، وإن كان حامل العرش، وحامل حملته في الحقيقة هو الله، جل وعز.