إياهم إلى ما التمسوه من ترك التسمية جواز بعض المسامحة في أمور الدين، واحتمال اليسير من الضيم فيه مالم يكن ذلك مضرا بأصوله، وقادحا في جملته إذا رجعي بذلك سلامة في الحال لأهله، وانتظر به صلاح في عواقبه، وعلى هذا المعنى أيضا: ما كان من محوه موضع ذكر النبوة عن اسمه، واقتصاره على اسمه واسم أبيه إذا لم يكن انتسابه إليه نافيا لنبوته، وعلى هذا المعنى: ما كان من مصالحة المشركين على أن يرد إليهم من جاءه مسلما منهم، ورده أبا جندل إلى أبيه، ووجه ذلك- والله أعلم-: أن الله تعالى قد أباح التقية للمسلم إذا خاف الهلاك، على نفسه، ورخص له أن يتكلم بالكفر مع إضمار الإيمان، والتورية بالقول. فلم يكن في رده إليهم إسلاما له للهلاك مع وجود السبيل إلى الخلاص بالتقية، وإنما رد أبا جندل إلى أبيه: لأن الغالب من أمره أنه لا يقتله لكن يستبقيه، وينتظر به الرجعى، فكان يسير الفساد في الأمر الخاص محتملا في جنب الكثير من الصلاح في الأمر العام الشام النفع، والله أعلم.

وقد ذكر/ في هذه القضية أنه صالحهم على رد النساء إليهم إذا جئن مسلمات، إلا أن الله عز وجل قد نقض الصلح في أمره لقوله: {فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} فأمر أن يعاضوا عن النساء مهورهن. ثم نسخ العضو بعد.

وفيه: دليل على جواز نسخ السنة للكتاب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015