جدي: إنا نرجو , أو نخاف العدو غداّ - وليست معنا مدى أفنذبح بالقصب؟ فقال: ((ما أنهر , الدم وذكر اسم الله عليه , فكلوا ليس السن والظفر , وسأحدثكم عن ذلك؛ أما السن فعظم , وأما الظفر فمدى الحبشة)).
قلت: إنما كفأوا القدور من أجل أنهم ذبحوا الغنم قبل أن تقسم , فلم يطب لهم ذلك , إذ كان سبيله سبيل النهبى.
وقوله: ((أوابد)) , يريد: ما ينفر منها عن الإنس ويتوحش يقال: أبد الوحشي: أبد الوحشي يأبد أبودا , وتأبد تأبداً.
وفيه من الفقه: أن الإنسي إذا توحش كان ذكاته ذكاة الوحشي , كما أنه إذا تأنس الوحشي كان ذكاته ذكاة الإنسي.
وقوله: ((ما أنهر الدم)) , معناه: ما أسال الدم , ولم يخنق فيكون وقيذاً. ومنه: النهر الذي هو مجرى الماء.
وقوله: ((ليس السن والظفر)). ليس ههنا بمعنى الاستثناء , واعراب ما بعده من النصب فيه , ثم قال: ((أما السن فعظم)) , وهذا يدل على ان النهي عن الذكاة بالعظم كان مقدماً , وكان ذلك عند القوم المخاطبين به متقرراً , فأحال بهذا القول على معلوم قد سبق , وقد يحتمل أن يكون المعنى في ذلك هو أن العظم غالباً لا يقطع مذابح الشاة قطعاً , يمور فيها (كالحديد) إنما يجرح , ويدمي فتزهق النفس من غير أن يتيقن وقوع الذكاة.