الصدق والشق من غير إبانة، وأما القَصْم -بالقاف- فهو الكسر حتى يبين وينفصل، والمعنى أن الوحي كان إذا ورد عليه تصعَّده، له مشقة ويغشاه كرب وذلك لثقل ما يلقى عليه من القول وشدة ما يأخذ به نفسه من جمعه في قلبه وحسن وعيه وحفظه، فيعتريه لذلك حال كحال المحموم، وهو معنى ما جاء في رواية أخرى أنه كان يأخذه عند الوحي الرُّحَضاء أي البُهْر والعرق، ولذلك كان يتفصد جبينه، أي يسيل عرقا كما يفصد العرق فسيل منه الدم، وبيان هذا في قوله عز وجل: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا}. وقوله: {لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه}. قال ابن عباس: كان يستذكر مخافة أن ينفلت منه.
وأما قوله: (يأتيني مثل صلصلة الجرس) فإنه يريد، والله أعلم، أنه صوت متدارك يسمعه ولا يتثبته عند أول ما يقرع سمعه حتى يتفهم ويستثبت فيتلقفه حينئذ ويعيه، ولذلك قال: (وهو أشده علي).
وجملة الأمر فيما كان يناله من الكرب عند نزول الوحي هي شدة