الشيء ويَنصرف , فإذا تَوكّل له الحاضر , وتربَّص بمتاعه حتى يبيعه , حَرَم النّاس زيادة الرِّفق فيه , وليس هذا بمخالف لنهيه عن تَلقّي الرُّكبان , والنّظر لهم في أمتعتهم والاحتياط لأموالهم , لأنّ من تلقّاهم ربّما كَذَبهم عن سعر السوق , وخَدَعهم عمَّا في أيديهم , فيستقيموا إلى قوله , فيُخرج الشيء من أيديهم بالوَكْس , ويكون فيه الغَبْن الكثير , وفي ذلك استعمال الغش , وترك النصح لهم , فأمّا إذا دخل البدويّ البلد , وشاهد السّوق والسِّعر فهو بخلاف الأوّل , لأنّ الغِّ فيه مأمون , والغَبْن مرفوع , وإنّما هو منع التجارة الحاضرة بأسعارها الجارية , ادِّخارا للأمتعة , وتربُّصا بها الغلاء. وفيه معنى الحُكرة , المنهيّ عنها , فلذلك تأوَّل النّهي عن تلقّي الرّكبان من تأوَّله من الفُقهاءعلى التّحريم , وكان ابن عبّاس يقول في قوله: " لا يَبيع حاضر لباد " ولا يكون له سِمسارا يَحْمِلُه على الأمْرَين معا البيع والشّراء.