وجوهه، واختلاف مذاهبه، خارج عن المعهود من نظم جميع كلامهم، ومباين للمألوف من ترتيب خطابهم وله أسلوب خاص به ويتميز في فصوله عن أساليب الكلام المعتاد» .

وقبل أن يلج الى نظم القرآن وتحليل سوره يتناول قصيدة لامرىء القيس وأخرى للبحتري ليرسم طريقته في النقد وتطبيق منهجه وينتقل في كلتا القصيدتين من المطلع الى النهاية منبها الى وجوه الجمال ومواطن الضعف، وفي تحليله لقصيدة امرئ القيس أو معلقته- على الأصح- يوازن بين ما جاء من فنون التعبير والتصرف في القول ونظم الكلام فيها وما جاء شبيها أو مقاربا لها في القرآن منبها إلى تفوق القرآن دائما، وكثيرا ما تدخل النقد الشخصي في رأي الباقلاني في تحليل معلقة امرئ القيس وإن خالف ذلك الرأي آراء جميع النقاد، انظر اليه كيف يخطىء الشاعر في قوله:

إذا قامتا تضوع المسك منهما ...

يقول: «فوجه التكلف فيه بقوله: إذا قامتا تضوع المسك منهما، ولو أراد أن يجود أفاد أن بهما طيبا على كل حال فأما في حال القيام فقط فذلك تقصير» وهذا تحامل ظاهر من أبي بكر على الشاعر وعلى المعنى الذي تناوله إذ لا شك أن في هذا التعبير لمسة فنية دقيقة ترتكز على كلمة «قامتا» لأنها مبعث الحركة والحياة في الصورة كلها تريك الفتاتين غاديتين أو رائحتين وغلائلهما تبعث الأرج فيسري في الأعطاف ويعبق الجو بشذاه لما تبعثه الحركة في الهواء فيحمل العطر الى الأنوف لتستافه ولا يتسنى ذلك في القعود والسكون، ومع هذا لا ننكر بعض ما نبه اليه الباقلاني من هنات في العقيدة بل ونأخذ برأيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015