مكة أنّا حملنا ذريات قوم نوح في الفلك. وفيها قول آخر حسن، وهو أن يكون المعنى أن الله جلّ وعزّ خبّر بلطفه وامتنانه أنه خلق السفن يحمل فيها من يصعب عليه المشي والركوب من الذريات والصغار، ويكون الضميران على هذا متفقين.

[سورة يس (36) : الآيات 42 الى 43]

وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (42) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (43)

وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ والأصل: يركبونه حذفت الهاء لطول الاسم، وأنه رأس آية. وفي معناه ثلاثة أقوال: مذهب مجاهد وقتادة وجماعة من أهل التفسير أنّ معنى «من مثله» للإبل، والقول الثاني أنه للإبل والدواب وكل ما يركب، والقول الثالث أنه للسفن، وهذا أصحّها لأنه متصل الإسناد عن ابن عباس رواه محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ قال: خلق لهم سفنا أمثالها يركبون فيها. وبغير هذا الإسناد أن ابن عباس احتجّ في أن هذا ليس للإبل بأن بعده وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وهو حسن لأن بعده ما لا يجوز فيه إلا الرفع لأنّه معرفة وهو وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ والنحويون يختارون: لا رجل في الدار ولا زيد.

[سورة يس (36) : آية 44]

إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (44)

إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا قال الكسائي: هو نصب على الاستثناء، وقال أبو إسحاق: نصب لأنه مفعول له أي للرحمة وَمَتاعاً معطوف عليه. قال قتادة: إِلى حِينٍ أي إلى الموت.

[سورة يس (36) : آية 49]

ما يَنْظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ (49)

وفي قوله جلّ وعزّ ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ خمس قراءات «1» : قرأ أبو عمرو وابن كثير وهم يخصّمون بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد، وكذا روى ورش عن نافع. فأما أصحاب القراءات وأصحاب نافع سوى ورش فإنهم رووا عنه وهم يخصّمون بإسكان الخاء وتشديد الصاد على الجمع بين ساكنين وقرأ عاصم والكسائي وَهُمْ يَخِصِّمُونَ بكسر الخاء وتشديد الصاد، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة وهم يخصمون بإسكان الخاء وتخفيف الصاد، وفي حرف أبيّ وهم يختصمون. قال أبو جعفر: القراءة الأولى وهم يخصّمون أبينها والأصل: يختصمون فأدغمت التاء في الصاد فقلبت حركتها إلى الهاء، وإسكان الخاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015