قرئت على ثلاثة أوجه. قرأ أهل الحرمين وأهل الكوفة هَيْهاتَ هَيْهاتَ مفتوحة غير منوّنة إلّا أبا جعفر فإنه قرأ هَيْهاتَ هَيْهاتَ «1» مكسورة غير منونة، وقرأ عيسى بن عمر هَيْهاتَ هَيْهاتَ «2» مكسورة منونة. فهذه ثلاثة قراءات. قال أبو جعفر ويجوز هَيْهاتَ هَيْهاتَ «3» مفتوحة منوّنة. قال الكسائي: وناس من العرب كثير يقولون: أيهات «4» يعني أنهم يبدلون من الهاء همزة، ويجوز فيها ما جاز في هيهات من اللغات. قال أبو جعفر: من قال هيهات هيهات لما توعدون وقف بالهاء عند سيبويه والكسائي «5» لا غير لأنها واحدة، وبنيت على الفتح وموضعها رفع لأن المعنى البعد لأنها لم يشتقّ منها فعل فهي بمنزلة الحروف فاختير لها الفتح لأنّ فيها هاء التأنيث فهي بمنزلة اسم ضمّ إلى اسم كخمسة عشر، وزعم الفراء أن الوقف عليها بالياء ومن كسر وقف بالتاء عند الجماعة نوّن أو لم ينوّن لأنها جمع كبيضات، واحدها هيهة كبيضة ونصب الجميع كخفضه. والتنوين فيه قولان: أحدهما أن التنوين في جمع المؤنّث لازم، والآخر أن فرق بين المعرفة والنكرة، ولهذا حذف من حذف على أنه جعلها معرفة، ويقال: هيهات لما قلت، وهيهات ما قلت أي البعد لما قلت، والبعيد ما قلت.

[سورة المؤمنون (23) : آية 40]

قالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ (40)

قالَ عَمَّا قَلِيلٍ ما زائدة مؤكّدة عند البصريين.

[سورة المؤمنون (23) : آية 44]

ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (44)

ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا فيه ثلاثة أوجه: قرأ الكوفيون ونافع والحسن وابن محيصن تَتْرا «6» بغير تنوين، وقرأ أبو عمرو وأبو جعفر والأعرج تَتْرا «7» منوّنة ويجوز تَتْرا «8» بكسر التاء الأولى موضعها نصب على المصدر لأن معنى «ثم أرسلنا» ثم واترنا، ويجوز أن يكون موضع الحال أي مواترين. قال الأصمعي: واترت كتبي عليه أتبعت بعضها بعضا إلّا أن بين كلّ واحد منها وبين الآخر مهلة، وقال غيره من أهل اللغة: المواترة التتابع بلا مهلة. قال أبو جعفر: من قرأ تترى بلا تنوين وجعلها فعلى مثل سكرى، ومن نون جعل الألف للنصب كما تقول: رأيت زيدا يا هذا، والتاء في القراءتين جميعا مبدلة من واو كما يقال: تالله والله. وهو من واترت واشتقاقه من الوتر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015