منها، والجهة الثالثة أن الكسائي زعم أنّ «إن» لا تكاد تأتي في كلام العرب بمعنى «ما» إلّا أن يكون بعدها إيجاب كما قال جلّ وعزّ: إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ [الملك:
20] فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ الأصل أن تكون اللام مكسورة فحذفت الكسرة لثقلها وإن اللام قد اتصلت بما قبلها. إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ خبر كنتم وفي اللام حذف والمعنى فادعوهم إلى أن يتّبعوكم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين أنّهم آلهة.
أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ (195)
أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أنتم أفضل منهم فكيف تجدونهم وقرأ أبو جعفر وشيبة أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ «1» ، وهي لغة. واليد والرّجل والأذن مؤنّثات يصغّرن بالهاء، وتزاد في اليد ياء في التصغير تردّ إلى أصلها. قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ أي الذين شركتموهم فجعلتم لهم قسطا من أموالكم. ثُمَّ كِيدُونِ والأصل كيدوني بالياء حذفت الياء لأن الكسرة تدلّ عليها وكذا فَلا تُنْظِرُونِ أي فلا تؤخرون.
[سورة الأعراف (7) : آية 196]
إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)
إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ اسم «إنّ» وخبرها، وقرأ عاصم الجحدري إنّ وليّ الله الذي نزّل الكتاب «2» يعني جبرئيل عليه السلام. ومعنى وليّي الله حافظي وناصري الله، ووليّ الشّيء الذي يحفظه ويمنع منه الضرر.
[سورة الأعراف (7) : آية 197]
وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197)
وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مبتدأ والخبر لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ.
[سورة الأعراف (7) : آية 198]
وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198)
وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى شرط فلذلك حذفت منه النون، والجواب لا يَسْمَعُوا.
وَتَراهُمْ مستأنف. يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ في موضع الحال ومعنى النظر فتح العينين إلى المنظور إليه وليس هو مثل الرؤية وخبّر عنهم بالواو لأن الخبر جرى على فعل من يعقل.
[سورة الأعراف (7) : آية 199]
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (199)
خُذِ الْعَفْوَ وهو اليسير. قال أبو عبد الله إبراهيم بن محمد: العفو الزكاة لأنها يسير من كثير، قال أبو جعفر: وهو من عفا إذا درس، وقد يقال: خذ العفو منه أي لا