فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190)
فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً قيل: التقدير إيتاء صالحا، وهو ذكر وأنثى كما كانت حواء تلد. جَعَلا لَهُ قيل: يعني الذكر والأنثى الكافرين ويعني به الجنسين ودل على هذا فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ولم يقل: يشركان فهذا قول حسن، وقيل: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ومن هيئة واحدة وشكل واحد وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها أي من جنسها فلمّا تغشّاها يعني الجنسين وعلى هذا القول لا يكون لآدم وحواء في الآية ذكر. قرأ أهل المدينة وعاصم جعلا له شركا «1» وقرأ أبو عمرو وسائر أهل الكوفة جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ «2» وأنكر الأخفش سعيد القراءة الأولى، وقال: كان يجب على هذه القراءة أن يكون جعلا لغيره شريكا لأنهما يقرّان أن الأصل لله جلّ وعزّ فإنما يجعلان لغيره الشرك. قال أبو جعفر: التأويل لمن قرأ القراءة الأولى جعلا له ذا شرك مثل وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: 82] .
[سورة الأعراف (7) : آية 193]
وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (193)
وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ قال الأخفش وإن تدعوا الأصنام إلى الهدى لا يتبعوكم. سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ قال أحمد بن يحيى: لأنه رأس آية يريد أنه قال «أم أنتم صامتون» ولم يقل أم صمتم. قال أبو جعفر: المعنى في «أم أنتم صامتون» وفي «أم صمتم» واحد. هذا قول سيبويه «3» .
[سورة الأعراف (7) : آية 194]
إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (194)
إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ اسم إنّ. عِبادٌ خبره. أَمْثالُكُمْ نعت، وحكى أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني أن سعيد بن جبير قرأ إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم «4» بتخفيف «إن» وكسرها لالتقاء الساكنين ونصب «عبادا» بالتنوين ونصب «أمثالكم» قال: يريد ما الذين تدعون من دون الله بعباد أمثالكم أي هنّ حجارة وأصنام وخشب. قال أبو جعفر: وهذه القراءة لا ينبغي أن يقرأ بها من ثلاث جهات إحداها أنها مخالفة للسواد، والثانية أن سيبويه يختار الرفع في خبر «إن» إذا كانت بمعنى «ما» فيقول: إن زيد منطلق لأن عمل «ما» ضعيف و «إن» بمعناها فهي أضعف