باب ما جاء في التنزيل «أن» فيه بمعنى «أي» فمن ذلك قوله تعالى: (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً) (?) . / المعنى: أي لا تشركوا به شيئا، ف «لا» ناهية جازمة، و «أن» بمعنى «أي» .
وقيل: بل التقدير فيه: ذلك ألا تشركوا فيه فيكون خبر مبتدأ مضمر، أي: المتلو ألا تشركوا وليس التقدير: المحرم ألا تشركوا لأن ترك الشرك ليس محرما، كما ظنه الجاهل، ولا أن «لا» زائدة.
وقيل: التقدير: حرم عليكم بألا تشركوا.
وقيل: التقدير: أتلو عليكم ما حرم، أي: أتلو المحرم لئلا تشركوا.
وقيل: التقدير: عليكم ألا تشركوا، و «أن» هذه نابية عن القول، وتأتي بعد فعل في معنى القول وليس بقول، كقولك: كتبت إليك أن قم.
تأويله: قلت لك قم. ولو قلت: قلت لك أن تقوم، لم يجز لأن:
القول يحكى ما بعده، ويؤتى بعده باللفظ الذي يجوز وقوعه في الابتداء، وما كان في معنى القول وليس بقول فهو يعمل، وما بعده ليس كالكلام المبتدأ.
وهذا الوجه في «أن» لم يعرفه الكوفيون ولم يذكروه، وعرفه البصريون وذكروه وسموه: «أن» التي للعبارة، وحملوا عليه قوله:
(وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا) (?) . وفي تقديره وجهان:
أحدهما: انطلقوا فقالوا: قال بعضهم لبعضٍ: امشوا واصبروا وذلك أنهم انصرفوا من مجلسٍ دعاهم فيه النبي- صلى الله عليه وعلى آله-