وقال أبو إسحاق: التقدير صفة الجنة التي وعد المتقون، وليس بصحيح، لأن اللغة لا تساعد عليه، ولأن موضوعه التشابه، ولا معنى للوصفية في شيء من تصاريفه، وكيف يصح. ومن جهة المعنى أيضا: إنه ولو قال قائل:
صفة الجنة فيها أنهار، لكان كلاماً غير مستقيم، لأن الأنهار في الجنة لا في صفتها وأيضاً فقد أنث ضمير «المثل» حملاً على الصفة، وهذا أيضاً بعيد.
وقول الفراء أيضاً من أن الخبر جعل عن المضاف إليه، وهو الجنة، دون المضاف، الذي هو «مثل» ، فباطل أيضاً لأنا لم نر اسماً يبدأ به ولم يخبر عنه البتة، وكذا من قال: «المثل» يقحم، أي: يلغى، لأن الاسم لا يكون زائداً، إنما يزاد الحرف، فكذلك قول الزجاج، لأنه إن أراد بالمثل الصفة، فقوله:
«صفة الجنة جنة» فاسد، لأن الجنة ليست بالصفة، والزيادة شيء يقوله الكوفيون في: مثل، واسم، ويعلم، ويكاد، ويقول: هذه الأربعة تأتي في الكلام زيادة، ونحن لا نقول بذلك.
وأما قوله: (الَّذِي خَلَقَنِي) ، «1» إن جعلته مبتدأ، فقوله: (فَهُوَ يَهْدِينِ) «2» خبره وما، بعده معطوف على «الذي» ، والتقدير: هو يطعمني ويسقينى، إلى قوله: (بِالصَّالِحِينَ) (?) محذوف الخبر، أي: فهو يهديني، كما تقول: زيد قائم، وبكر وخالد.
ومن ذلك قوله تعالى: (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) (?) ، أي: البر والتقوى أولى، فحذف الخبر.