فالقول إن هذه الحركة لما لم تكن ضمة خالصة ولا كسرة محضة ضعفت في الابتداء بخروجها عما عليه الحركات اللاحقة أوائل الكلمة المبتدأ بها.
ألا ترى أن أبا عمرو لم يشم في الاستئناف في «يا صالح يتنا» وقد قدمنا أن أبا عمرو في الإدغام يشم المرفوع والمضموم، وأبو علي يفرق بينهما، فزعم أن أبا عمرو لا يشم، يقول: إيذن لي، كما يشم «يا صالح يتنا» والصحيح ما قدمنا.
ومما يدل على أن هذه التحريكة قد صارت أمارة لبناء الفعل للمفعول به، وأنها مما يختص به الفعل، أنك لو سميت رجلاً بمثل «قيل» و «بيع» شيئاً وخلعت منه الضمير الذي كان فيه لأخلصت الكسرة فقلت: قيل، وبيع.
فدل هذا من مذهب سيبويه على أن هذه الحركة أشبه عنده بالفعل، وأشد لزوماً من الأمثلة التي تختص بالفعل، ولا يكون في الاسم، نحو:
ضُرِب، وضورِب، وضُرِّب.
ألا ترى أنك لو سميت بشىء من ذلك مجرداً من الضمير لم تغيره عن بنائه إلى ما يختص الاسم، وقد رأى تغيير هذه الحركة وإخلاسها كسرة.
ومما يقوى قول من قال «قيل» أن هذه الضمة المنحو بها نحو الكسرة قد جاءت في نحو قولهم: «شربت من المنقر» ، وهو بئر ضيقة، و «هذا ابن مذعور» ، و «ابن بور» ، فأمالوا هذه الضمات نحو الكسرة لتكون أشد مشاكلة/ لما بعدها وأشبه به، وهو كسر الراء.