وشىء آخر، وهو أنهم قالوا: إن كل ما جاء في التنزيل من قوله «وما أدراك» فإنه فسره كقوله:

(وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (10) نارٌ حامِيَةٌ) . «1» (وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ) «2» (وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ) «3» وهاهنا إذا جعلت «كتاباً مرقوماً» خبر «إن» لم يكن ل «سجين» ولا ل «عليين» تفسير.

وهذا نظير قولهم على هذا القول: إن زيداً فافهم ما أقول رجل صدق، فيكون اعتراضا بين اسم «إن» وخبره.

وهناك شىء آخر، وهو أنك إذا قلت: إن التقدير: إن كتاب الأبرار كتاب مرقوم في عليين، وجب أن تعلق الجار بمضمر يكون خبراً ثانياً، على تقدير: كائن في عليين ثابت فيه. ولا تعلقه ب «مرقوم» / لأنك قدمته على الموصوف ب «مرقوم» ، وما تعمل فيه الصفة لا يتقدم على الموصوف، لأنه يوجب تقديم الصفة على الموصوف، لأن العامل يقع حيث يقع المعمول، ولا يجوز أن تعلقه بمحذوف يكون صفة ل «كتاب» لما ذكرنا من أن الصفة لا تتقدم على الموصوف. فإن جعلته خبر «إن» - أعني «في عليين» ، وجعلت «كتاباً مرقوماً» خبراً أيضاً-، لم يجز، لأنه لا فائدة فيه أكثر مما في الاسم وقد قالوا: إن الذاهبة جاريته صاحبها، لا يجوز. فثبت أن القول قول أبي على، وهو ما قدمناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015