أحدها: أنها (تَفعَلة) وأصلها (تورية) تحركت الياء، وانفتح ما قبلها، فانقلبت ألفا، و (تَفعَلة) في الكلام قيل جداً، قالوا: تتفَلة في تتفُلة.
والقول الثاني: أنها (تفعلِة) والأصل (تورِية) مثل: توقية وتوفية، فانقلبت إلى (تَفعَلة) وقلبت ياؤها.
هذان القولان رديئان: وهما للكوفيين.
وأما البصريون فالتوراة عندهم (فوعَلة) وأصلها (وَورَية) مثل: حوقلة ودوخلة، فأبدلوا من الواو الأولى تاء كما فعلوا في (تولج) والأصل: وولج، لأنّه من الولوج، وقلبوا الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
وهذا القول المختار؛ لأنّ (توقيةً) لا يجوز فيها (توقاة) و (تفعَلة) قيل في الكلام، واشتقاق (تورية) من قولهم: وريت بك زنادي، كأنّها ضياء في الدين، كما أنّ ما يخرج من الزناد ضياء.
وأما (إنجيل) فهو (إفعيل) من النجل.
واختلف في معناه:
فقال علي بن عيسى: النجل الأصل، لأنّ الإنجيل أصلٌ من أصول العلم.
قال غيره: النجل الفرع، ومنه قيل للولد نجل، فكأنّ الإنجيل فرع على التوراة، يستخرج منها.
وعندي: أنّه من النَّجَل وهو السَّعَة، يقال: عينٌ نجلاء، أي: واسعة. وطعنةٌ نجلاء، ومنه قول الشاعر:
وأطْعَنُ الطَّعْنَة النَّجْلاءَ عَنْ عُرُضٍ ... وأكتم السِّرّ فيه ضربةُ العُنُق
فكأنه قد وسّع عليهم في الإنجيل ما ضيق فيه على أهل التوراة، وكلٌّ محتمل.